وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
يقول الله سبحانه وتعالى بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}، صدق الله العظيم
لذلك فإن القرض بالربا سواء الاستهلاكي أو الإنتاجي محرم شرعا بنص الآية {وَحَرَّمَ الرِّبَا}.
أمّا سبب تحريم الربا فقد ذكروا وجوها عدة ومنها:
أولا الربا يقتضي أخذ مال الإنسان من غير عوض، لأن من يبيع الدرهم بالدرهمين نقدا أو نسيئة، فيحصل له زيادة درهم من غير عوض، ومال الإنسان متعلق بحاجته، وله حرمة عظيمة، قال عليه الصلاة والسلام: "حرمة مال الإنسان كحرمة دمه"، فوجب أن يكون أخذ ماله من غير عوض محرما.
وثانيا قال بعضهم: إنما حرم الله تعالى الربا من حيث إنه يمنع الناس عن الاشتغال بالمكاسب، وذلك لأن صاحب الدرهم إذا تمكن بواسطة عقد الربا من تحصيل الدرهم الزائد -نقدا كان أو نسيئة- خف عليه اكتساب وجه المعيشة، فلا يكاد يتحمل مشقة الكسب والتجارة والصناعات الشاقة، وذلك يفضي إلى انقطاع منافع الخلق، ومن المعلوم أن مصالح العالم لا تنتظم إلا بالتجارات والحرف والصناعات والعمارات.
وثالثا قيل: السبب في تحريم عقد الربا، أنه يفضي إلى انقطاع المعروف بين الناس من القرض.
ورابعا: هو أن الغالب أن المقرض يكون غنيا، والمستقرض يكون فقيرا، فالقول بتجويز عقد الربا تمكين للغني من أن يأخذ من الفقير الضعيف مالاً زائدا، وذلك غير جائز برحمة الرحيم.
وخامسا: أن حرمة الربا قد ثبتت بالنص، ولا يجب أن يكون حكم جميع التكاليف معلومة للخلق، فوجب القطع بحرمة عقد الربا، وإن كنا لا نعلم الوجه فيه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.