الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :
فإن الفتوى من الأمور الجليلة المهمّة، والتي لها منزلة عظيمة في الدين، وتلبي حاجة الناس والمجتمع لفهم مقاصد الشريعة الإسلامية، وفي هذا يقول المولى تبارك وتعالى، منبهًا لعباده المؤمنين على ما ينبغي لهم:
قال تعالى: ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) ( التوبة: 122)
وقال سبحانه: ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ۚفَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (النحل: 44،43)
فالمفتي خليفة النبي صلى الله عليه وسلم في أداء وظيفة البيان وقائم في الأمة مقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن العلماء ورثة الأنبياء كما يدل عليه الحديث الشريف: (وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ).(أخرجه أبو داود في سننه، والطبراني في مسند الشاميين بلفظه)
لذلك يسعى دائما مشايخ طريقة القاسمي بالدعوة إلى الله تعالى ونشر العلم الشريف، ومن هذا الأمر جاءت المبادرة إلى إنشاء مركز الفتوى، لسد الخلّة والإجابة عن أسئلة السائلين الحريصين على معرفة أحكام دينهم، ولبيان حكم الشرع الحنيف فيما يستجد من مسائل وقضايا، وتوجيه المسلمين بعدم التّسرّع في الحِلّ والتّحريم والتّبديع والتّضليل، دونما نظر وتأنٍّ، بل لا بُدّ من عرض الأمور على كتاب الله وسنّة رسوله وقواعد التّشريع، والرجوع إلى الرّاسخين في العلم، من العلماء سلفًا وخلفًا.
سائلين المولى أن يجمع قلوبنا على طاعته، ويُوحّد صفوفنا، وأن يوفّقنا وسائر المؤمنين إلى ما يحبه ويرضاه من القول والعمل والإخلاص فيه، إنّه سميع قريب مجيب الدّعوات.
والله ولي التوفيق وبه نستعين.