السؤال:

هل يجوز إسقاط الجنين من الزنى؟

الجواب:

فضيلة الدكتور خالد محمود
إجهاض النطفة المحرمة له حالان:

- الحال الأولى: ما قبل نفخ الروح

اختلف الفقهاء المعاصرون في إجهاض النطفة المحرمة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: عدم الجواز، فليس هناك حاجة للإجهاض.
واستدلّوا بقصة الغامدية فإنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا فلم يقم النبي صلى الله عليه وسلم عليها الحد حتى وضعت، ولو كان هذا الجنين يجوز إجهاضه لأقام النبي صلى الله عليه وسلم حد الزنا عليها، لأنه لو أقيم عليها حد الزنا ستتلف وسيتلف الجنين، وإنما أخّر النبي صلى الله عليه وسلم إقامة الحد عليها حتى ولدت، مما يدل على أن هذا الحمل ولو كان قبل نفخ الروح فإن له حرمة فلا تنتهك.

القول الثاني: التفصيل: فإن كان الزنا عن إكراه جاز إجهاض الجنين الناشئ عنه قبل نفخ الروح، وإن كان عن رضا بين الزانيين فإنه لا يجوز.
والسبب في ذلك أنه إذا كان عن إكراه فإن المرأة تكون معذورة لأن هذا الجنين سيسبب لها ضررا وأذى، فما دام أنها معذورة جاز إجهاضه.

القول الثالث: الجواز مطلقا: سواء كان الزنا عن إكراه أو عن رضا.
والعلة في ذلك أن هذه النطفة محرمة، والمحرم شرعاً كالمعدوم حسا فليس لها حرمة، وللان هذه النطفة تسبب ضررا وأذى بالنسبة للمرأة وعائلتها.
بالاضافة الى أن نفس الجنين بعد ولادته سيلحقه شيء من الأذى والضرر لكونه ابن زنا.

الترجيح:
الأقرب في هذه المسألة التفصيل فإن كانت المرأة أكرهت على الزنا أو كان الزنا عن رضا وتابت ورجعت إلى الله عز وجل فإنه يجوز إجهاض هذا الجنين ما دام قبل نفخ الروح؛ لأن بقاءه فيه ضرر على أمه وعلى أسرته وحتى عليه هو بعد وجوده. والقواعد الشرعية أنه يرتكب أخف الضررين وأهون الشرين، والمشقة تجلب التيسير، مع أن هذه النطفة نطفة محرمة شرعا وما كان محرما شرعا فهو كالمعدوم حسا.
وأما إذا كان الزنا عن رضا ورغبة ولم تتب وترجع فإن الإجهاض محرم ولا يجوز.

 - الحال الثانية: ما كان بعد نفخ الروح.

بأن تم لهذا الجنين عشرون ومئة يوم فإن إسقاطه محرم ولا يجوز، لما في ذلك من قتل نفس معصومة، فإن هذا الجنين لما نفخت فيه الروح أصبح نفسا معصومة لا يجوز الإقدام على قتلها.

والأضرار التي تلحق بالأم أو بالجنين بعد ولادته فإنها لا تساوي ضرر قتله فإن قتله من أكبر الكبائر والله عز وجل يقول: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما" ويقول: "ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق" وتقدم حديث (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث... )

وأيضا: فإن من مقاصد الشريعة حفظ الضروريات الخمس التي اتفقت عليها الشرائع، ومنها ما يتعلق بحفظ النفس.

فإذا كان الإجهاض بعد نفخ الروح فإنه لا يجوز ويأثم به صاحبه ويكون أتى كبيرة من كبائر الذنوب، ويأخذ حكم العمد في قتل الجنين ويترتب عليه ما ذكره العلماء رحمهم الله من إيجاب الدية والمعاقبة.

فتاوى مختارة