السؤال:

ما هو حكم استئجار الأرحام، وهل هناك صور جائزة، أو حالات مستثناة يسمح فيها استئجار الأرحام؟

الجواب:

فضيلة الدكتور خالد محمود
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإنَّ تأجير الرَّحِم هو: استخدام رحم امرأةٍ غير الزوجة؛ لحمْلِ لقيحةٍ مكوَّنة من نطفة رجُل وبويضة امرأة، وغالبًا ما يكونان زوْجَين، وتَحمل الجنين وتضعُه، وبعد ذلك يتولَّى الزَّوجان رعايةَ الموْلود، ويكون ولدًا قانونيًّا لهما.

وقدِ اختلف العلماء المعاصرون في حُكْمِ إجارة الأرْحام على ثلاثة أقوال.

والراجح عدم الجواز مطلقًا، وذهب إلى هذا القول جماهيرُ العلماء المعاصرين، حيثُ صدر قرار مجمع البحوث الإسلاميَّة بمصر، وقرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي - بعدم الجواز.

واستدلُّوا بعدَّة أدلَّة، منها:

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ . إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ . فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ العَادُونَ} [المؤمنون: 5 - 7].

وقوله تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل: 72].

وقالوا: إن استِئْجار الأرْحام يترتَّب عليه مفاسد كثيرة، منها:

• قد يؤدِّي إلى اختِلاط الأنساب، إذا كانت المستأجَرة متزوِّجة، وإن لم تكن متزوِّجة، فلن تسلم من الاتِّهام وسوء الظَّنِّ بِها.
• عدم وجود علاقة شرعيَّة بين صاحبة الرَّحِم وصاحب المني؛ ممَّا يقتضي القولَ بعدم مشروعيَّة هذا الحمل، فالحمل الشَّرعي لا بدَّ أن يكون من زوْجين.
• صاحب الحيوان المنوي ليس له حقُّ الاستِمْتاع بصاحبة الرَّحِم؛ لذا لا حقَّ له في شغْلِ رحِمِها بِحملٍ ليس منها وليس لها.
• أنَّ ذلك سيؤدِّي لنشوب خلافاتٍ ونزاعاتٍ حوْل أحقِّيَّة المرأتين بالأمومة: صاحبة البويضة، وصاحبة الرَّحِم.
• أنَّه يفسد معنى الأُمومة الحقيقيَّة التي فطَرها الله عليْها؛ إذ غايةُ ما هنالك إقرار بويضةٍ بدون عناء ولا مشقَّة، بيْنما التي حملتْها عانتْ آلام الحمل، وتغذَّى بغذائِها حتَّى غدا بضعة منها.
• أنَّ فتح هذا الباب قد يؤدِّي إلى انتِشاره، وأن تسلكه كلُّ مَن أرادت أن تُحافظ على صحَّتها ورشاقة بدنِها، فيتحوَّل الإنجاب بِهذه الطريقة إلى مفاخرة ومتاجرة.
• أنَّ رحِم المرأة ليس من الأشياء التي تقبل البذْل والإباحة بأي صورة كانت؛ سوى الصورة الشرعيَّة التي شرعها الله تعالى وهي النكاح.

فتاوى مختارة